تحياتي، أنا مايك مسعود مدير المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد في الشرق الاوسط وإفريقيا، يسعدني مشاركة منظمة المرأة العربية في اجتماعها الإقليمي العربي حول تبادل خبرات البرلمانيات والبرلمانيين في مجال:” العدالة بين الجنسين في التشريع وفي السياسات العام”، والمنعقد خلال الفترة من 29 إلى 31 تموز 2024.
أشكر منظمة المرأة العربية ومديرتها العامة الدكتورة فاديا كيوان على دعوتي للمشاركة معكم في موضوع تحت عنوان “قواعد الشفافية والحماية من الفساد وتأثيرها على توفير بيئة تشريعية داعمة لقضايا المرأة”.
سأتناول الموضوع خلال حوالي ٢٠ دقيقة واقدم تعريف الفساد والشفافية والمبادئ العشرة لمكافحة الفساد الصادرة عن المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد واستعرض معلومات وبيانات ونتائج بعض الدراسات والأبحاث المنشورة وصولا الى تحليل ثم خلاصة وتوصيات.
الفساد
قبل أن أقدم تعريف الفساد لا بد أن أشدد على ثلاث أمور:
أولاً ليكون هناك فساد لابد من وجود سلطة لإساءة استخدامها، كل أنواع السلطة بغض النظر عن مصدرها
ثانياً إن الفساد مصطلح قانوني، وبالتالي فإن من يحدد ما إذا كان الفعل فاسد أم غير ذلك هو القانون المحلي وليس القانون الدولي. المفترض أن الدول التي تكافح الفساد تطور في قانونها المحلي.
ثالثاً تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المستند القانوني الوحيد الملزم دوليا ل ١٩٠دولة موقعة وملتزمة بمكافحة الفساد وفقاً للاتفاقية.
بناء على ما تقدم، يعتمد المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد تعريف الفساد على أنه إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، ويمكن للسلطة أن تكون سلطة متصورة أو سلطة موكلة أو ممنوحة، كما يمكن للمكاسب الخاصة أن تكون نقدية أو غير نقدية يحصل عليها الفاسد بشكل مباشر أو غير مباشر.
ولقد حدد المعهد الأميركي إطاراً علمياً مدروساً لتحقيق انجاز في خفض مخاطر الفساد ضمن تطبيق المبادئ العشرة لمكافحة الفساد وهي:
١. انتشار سيادة القانون
٢. أنظمة الرقابة الداخلية الفعالة
٣. الحوكمة الفعالة
٤. القضاء المستقل والفعال
٥. السلطة والمساءلة
٦. الاستثمار في الوقاية من الفساد
٧. قياس مخاطر الفساد
٨. اليقين من العقاب
٩. لا يسقط الفساد بالتقادم
١٠. مكافأة محاربي الفساد
تطبق هذه المبادئ عبر تطبيق مبادئ عملية تساهم في خلق البيئة الممانعة والرادعة للفساد بالإضافة الى دور المنظمات الدولية كمنظمة المرأة العربية وبرامج الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية في نشر ثقافة مكافحة الفساد والتوعية للوقاية منه.
الشفافية
من أنجح وأهم أساليب مكافحة الفساد هي “الشفافية” وتطبيق المبادئ العشرة لمكافحة الفساد يتطلب تطبيق معيار الشفافية.
إن نشر المعلومات التي تتعلّق بطريقة استخدام السلطة من قبل المسؤولين الذين حصلوا على السلطة من الشعب أو عبر القانون، يؤدي الى معرفة نتيجة هذا الاستخدام، فهل صبّت في المصلحة العامة أم الشخصية؟
قواعد الشفافية تتضمن حق المواطن في الحصول على المعلومات التي يحتاجها ليحكم على نتيجة استخدام المسؤول للسلطة. وتتضمن أن تكون هذه المعلومات صحيحة وحيث يلزم دقيقة وشاملة غير منقوصة لاعتمادها في استخلاص وصف لواقعة محددة حول نتيجة استخدام السلطة وربما طريقة استخدامها، بما يسمح للمواطن تقدير ضرر أو فائدة ما وقعت على المصلح العامة.
كذلك تتضمن قواعد الشفافية قدرة المواطن على الاستفادة من المعلومة عبر فسح المجال لفرص متساوية بين المواطنين منعاً للمحاصصة أو الواسطة وتخفيضاً للرشوة حيث قد يضطر المواطن أن يرشى ليحصل على المعلومات المفيدة له.
أيضا من قواعد الشفافية أن تتوفر المعلومات بشكل دوري وعام دون أن تختفي تارة، وتعود وتظهر، وألا تظهر معلومات متناقضة بين الفترة والأخرى خاصة إذا ما صدرت عن الجهات الرسمية، بما يقوّض الثقة بها.
ولقد اعتبر المعهد الأميركي لمكافحة الفساد بأن الشفافية من أهم أساليب الوقاية من الفساد وأنها أساس في تطبيق المبادئ العشرة لمكافحة الفساد، وأصدر بشأنها معيار الشفافية لمكافحة الفساد رقم 240 الذي نصّ على أنها القدرة القانونية لأصحاب المصلحة في الحصول على معلومات دقيقة وكافية وفي الوقت المناسب لتمكينهم من أداء واجباتهم واتخاذ قرارات مستنيرة.
كما اعتبر المعهد بأن تدابير الشفافية المطبقة بشكل صحيح، تؤدي لما يلي:
١. تعزيز ردع الفساد ومنعه واكتشافه
٢. دعم الحكم الرشيد أي المبدأ الثالث من مبادئ مكافحة الفساد
٣. تقليل أضرار الفساد
٤. تعزيز ثقة الجمهور بالمؤسسات العامة والخاصة
ويجب أن يكون أصحاب المصلحة على دراية وفهم لحقوقهم في الوصول إلى المعلومات العامة ويجب عليهم أيضا ممارسة حقوقهم في دعم قراراتهم وتوجيه سلوكهم.
تكلفة الفساد
ماذا يمكن أم يحصل في غياب الشفافية؟
بحسب البنك الدولي، فقد بلغ مجموع الدخل القومي العالمي لسنة 105.44 تريليون دولار أمريكي في حين بلغ مجموع الدخل القومي للدول العربية 3.49 تريليون دولار أمريكي، أي ما نسبته 3.3% من مجموع الدخل القومي العالمي.
أما في التقارير السنوية الصادرة عن رابطة فاحصي الاحتيال المعتمدين ACFE ومقره في ولاية تكساس، فإن معدل الخسارة المالية السنوية الناتجة عن حالات الفساد والاحتيال تبلغ ٥% من مجموع الإيرادات، وعليه فإن تكلفة الفساد والاحتيال المالية السنوية العالمية بما في ذلك غسل الأموال تبلغ 5.272 تريليون دولار أمريكي.
لكن بحسب الدراسات التي قام بها المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد تقدر نسبة الخسارة المالية السنوية الناتجة عن الفساد والاحتيال وغسل الأموال في الدول النامية بما في ذلك الدول العربية 15% سنويا من مجمل الدخل القومي، وبالتالي فإن معدل الخسارة المالية السنوية في الدول العربية نتيجة الفساد والاحتيال بما في ذلك غسل أموال تقدر بـ ٥٢٣,٥٠٠ مليار دولار أمريكي.
كما استخلص المعهد الأميركي لمكافحة الفساد بأن الشفافية هي على علاقة مباشرة مع ارتفاع أو انخفاض نسبة الفساد في كل بلد. فكلما زادت نسبة الشفافية الصحيحة، كلما انخفض مستوى الفساد. ما يؤكد على أهمية مأسسة الشفافية كجزء من العمل الدوري لكل المؤسسات التي تحتوي على معلومات يمكن أن يستفيد منها المواطن لحماية حقوقه والمصلحة العامة.
وكلما انخفض مستوى الشفافية، كلما زادت نسبة الفساد وتكلفة الفساد في كافة النواحي المالية وغير المالية في المجتمع. فالفساد هو أحد أهم أسباب فشل الدولة الوطنية، يضرب في صلب النسيج الاجتماعي والقيم. كما يهدم الفساد أساسيات الانتماء الوطني.
أما تكلفة الفساد غير المباشرة فهي تلعب دورا رئيسيا في انتشار الفقر وارتفاع معدلات البطالة وانحدار النزاهة الفردية والمؤسسية، واتساع هوة عدم الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وخدماتها.
وغياب الشفافية، يفسح المجال أمام الفساد ليكون من أهم العوائق الجوهرية التي تعزز عدم المساواة بين الرجل والمرأة في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بما في ذلك مشاركة المرأة في الحياة السياسية وتبوؤ المناصب التنفيذية أو التشريعية.
وجود المرأة في المناصب التشريعية قد يساهم في تسريع عجلة تطوير الشفافية وخفض مخاطر الفساد لا سيما على المرأة حيث أكدت نتائج العديد من الأبحاث العلمية، أن الفساد يؤثر بشكل مختلف على النساء والرجال، لا سيما حيث أكثرية النساء تعتبر من المجموعات المهمّشة.
كما تُحسن الشفافية من فعالية التشريع حيث يفسح مجال الحصول على المعلومات القيمة التي تسهّل التشريع المتكامل والذي يحقق أهداف الأسباب الموجبة بدقة.
تقرير أهداف التنمية المستدامة 2024
صدر بتاريخ 28 حزيران 2024 التقرير الرسمي للأمم المتحدة الذي يرصد التقدم العالمي في خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وباستخدام أحدث البيانات والتقديرات المتاحة، قدم التقرير تقييماً شاملاً لخطة عام 2030.، ضمنها معلومات
هامة حول الهدف الخامس المعني بالمساواة الجندرية. أهمها:
الهدف الخامس: المساواة الجندرية
لا تزال واحدة من كل خمس فتيات تتزوج قبل سن 18 عاما.
تعرضت 230 مليون فتاة وامرأة لتشويه أعضائهن التناسلية.
ما زال عدداً كبيراً جداً من النساء غير قادرات على التمتع بحقهن في اتخاذ القرار بشأن صحتهن الجنسية والإنجابية.
لا يزال العنف ضد المرأة مستمراً، ويؤثر بشكل غير متناسب على الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يبقى التكافؤ في مشاركة المرأة في الحياة العامة بعيد المنال، وكذلك في المناصب الإدارية.
سوف يتطلب التكافؤ 176 سنة أخرى ليتحقق.
تتحمل النساء عبئًا غير عادلاً من أعمال الرعاية المنزلية غير مدفوعة الأجر، حيث يقضين 2.5 مرة أكثر من الرجال يوميًا.
ما يعني أن العالم ما زال متخلفا في سعيه لتحقيق المساواة بين الجنسين بحلول عام 2030.
فطبقاً للأمم المتحدة، نورد البيانات التالية كما في ١ يناير ٢٠٢٤:
المرأة في المناصب الحكومية التنفيذية
تظهر البيانات التي جمعتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن النساء يمثلن 23.3 في المائة من أعضاء مجلس الوزراء الذين يرأسون الوزارات، ويقودون مجال السياسة.
الحقائب الخمس الأكثر شيوعًا التي تشغلها الوزيرات هي المرأة والمساواة بين الجنسين، تليها شؤون الأسرة والطفل، والإدماج الاجتماعي والتنمية، والحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، وشؤون السكان الأصليين والأقليات.
المرأة في البرلمانات الوطنية
وتمثل النساء 26.9 في المائة فقط من البرلمانيين في المجالس الفردية أو مجلس النواب، مقارنة بـ 11 في المائة في عام 1995.
المرأة في الحكم المحلي
وتشير البيانات الواردة من 141 دولة إلى أن النساء يشكلن أكثر من 3 ملايين (35.5 في المائة) من الأعضاء المنتخبين في الهيئات التداولية المحلية. وقد وصلت ثلاثة بلدان فقط إلى نسبة 50 في المائة، وهناك 22 دولة أخرى لديها أكثر من 40 في المائة من النساء في الحكومات المحلية.
البيئة التشريعية والتشريع
يعتبر التشريع أحد اهم أدوات الحوكمة لتحقيق الصالح العام واستقرار المجتمع وتعزيز التنمية المستدامة الشاملة. إن نوعية وفعالية التشريع يعتمد على عوامل عدة منها كفاءة المشرع وحصوله على المعلومات الصحيحة والكافية لتحقيق أهداف التشريع.
اما البيئة التشريعية فنقصد بها البيئة الداخلية للبرلمان والبيئة الخارجية التي تتمثل بالمواطنين والمؤسسات وكافة أطراف المصلحة.
ولا بد من التذكير بأن المؤسسة التي تقوم بالتشريع هي منتج اجتماعي، حالها كحال باقي مؤسسات المجتمع. فإذا كان الفساد منتشر في مؤسسات القطاع العام والخاص والمؤسسات غير الهادفة للربح، فلا غرابة من انتشار الفساد في التشريع.
بناء عليه، أكدت البيانات بأننا بعيدين عن هدف التنمية المستدامة لناحية المساواة ولذلك هناك حاجة ماسة إلى التزامات قوية ومستدامة لتغيير الأعراف الاجتماعية المتحيزة، والقضاء على الممارسات الضارة، وإلغاء القوانين التمييزية. كما أن تعزيز الشفافية وضرورة فسح المجال أمام المرأة في القيادة وصنع القرار والتشريع هو السبيل لتحقيق المساواة بين الجنسين على المستوى الوطني والإقليمي.
الهدف السادس عشر: السلام والعدالة والمؤسسات القوية
والهدف السادس عشر الذي يتحدث عن السلام والعدالة والمؤسسات القوية بما في ذلك حال الفساد. لكن قبل استعراض يلي بعض ما ورد في التقرير فلا بد من البحث في معيار الكفاءة لمكافحة الفساد رقم ٢٠٠ الصادر عن المعهد الأميركي لمكافحة الفساد. ألا نحتاج للكفاءة في القانون، والصحة، والتعليم، والخدمات الطبية، والتربية، والخدمات الاجتماعية، والصحافة والإعلام، وغيرها من القطاعات لتحقيق العدالة؟” ألا نحتاج الى المساواة لتحقيق السلام؟
ماذا عن المؤسسات القوية، ألا نحتاج الى المبادرات والاستثمارات والقيادات العلمية والإدارية والمهنية لتحقيق النجاحات التي تحقق المؤسسات القوية في القطاع الخاص؟ أما القطاع العام ألا يحتاج الى ضوابط تسمح بتطبيق القوانين والإجراءات الإدارية، أو التشريع الفعال لتطوير العمل المؤسساتي وحماية المصلحة العامة؟
فهل يمكن تحقيق أي جزء من الهدف السادس عشر بدون فسح المجال بشكل أسرع أمام المرأة للوصول للمشاركة في هذه المسؤولية؟ الجواب طبعاً لا.
تختلف تجربة الرشوة حسب مستوى الدخل القومي
ومن نتائج إحدى الدراسات المهمة حول الفساد وبالتحديد جرم الرشوة (اخترناه على سبيل المثال)، استنادا إلى 138 دولة لديها بيانات متاحة من عام 2015 إلى عام 2022، أفاد نحو 19 في المائة من الأشخاص أنه طُلب منهم الدفع أو دفع رشوة لموظف عمومي في الأشهر الـ 12 الماضية، وكانت الاختلافات الإقليمية الملحوظة واضحة.
وفي أوقيانوسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تعرض ما متوسطه 29.7 في المائة و26.6 في المائة من السكان، على التوالي، للرشوة في الأشهر الـ 12 الماضية، مقارنة بنسبة 10.1 في المائة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
ويتفاوت انتشار الرشوة حسب مستوى الدخل القومي، حيث يتراوح من متوسط 9 في المائة في البلدان المرتفعة الدخل إلى 32 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل. ولكن وبالرغم من أن دخل المرأة بشكل عام هو أقل من دخل الرجل، تشير البيانات الواردة من 18 دولة في الفترة من 2010 إلى 2021 إلى أن الرجال أكثر عرضة من النساء للانخراط في الرشوة، وغالبًا ما يتأثرون بالتفاعلات المختلفة مع القطاعات التي يهيمن عليها الذكور مثل الشرطة أو الجمارك.
طبقا لنتائج العديد من الأبحاث العلمية، فإن الفساد يؤثر بشكل مختلف على النساء والرجال، وإن اضرار الفساد تقع على كاهل الطبقات الفقيرة والفئات المهمشة والفئات الاجتماعية الأخرى التي تتحمل المرأة الجزء الأكبر من هذه الاضرار.
يؤكد مقياس الفساد العالمي التابع لمنظمة الشفافية الدولية باستمرار بأن النساء أقل احتمالاً من الرجال لدفع الرشوة.
كما وجدت العديد من الدراسات والأبحاث بأن النساء أقل من الرجال في قبول مخاطر الفساد خشية من اكتشاف الفساد والعقاب الذي يرافقه، وتفسير ذلك يعود لعدة أمور منها دور المرأة الخاص برعاية أفراد عائلتها ولأنها أقل حماية بسبب التمييز ضدهن وأحياناً في المحاكم. في القضاء فإنه يمكن عدم حصول المرأة في أحيان كثيرة على حقوقها في التقاضي والوصول للعدالة بسبب وجود حالات فساد في القضاء.
بالرغم من أنه لا يوجد أي ادلة علمية قاطعة بأن النساء أقل فساداً من الرجال عند الوصول إلى مراكز اتخاذ القرار العليا في القطاعات الاقتصادية المختلفة بما في ذلك القطاع العام، إلا أن مشاركة المرأة في الحياة العامة والحياة السياسية وقطاع الأعمال يقلل من أخطار الفساد وبالتالي من مستويات الفساد السائدة. ويمكن ملاحظة انخفاض مستويات الفساد في الدول التي تعزز المساواة الجنسانية. فلقد جاء بدراسة بهذا السياق بأنه في الدول الإسكندنافية على سبيل مثال، حيثما كانت مشاركة المرأة مرتفعة بنسبة (30%) لفترة طويلة من الزمان أصبحت السياسات العامة أكثر استجابة للسياسات التي تهتم بقضايا المرأة مثل المساواة الاجتماعية أو العائلية أو بين الجنسين.
كما تبين الدراسات أيضا بأن النساء أكثر عرضة من الرجال بالشعور بأن حياتهم تتأثر سلبا نتيجة الفساد. وعلى سبيل المثال:
تؤكد العديد من الدراسات والأبحاث بأن الفساد يحول دون وصول النساء إلى مناصب رفيعة المستوى في السياسة وفي عالم الأعمال.
كما تظهر الأبحاث في 18 دولة أوروبية بأن الفساد والمحسوبية والتشبيك السياسي لها تأثير سلبي على نسبة النساء المنتخبات في المجالس المحلية مما أدى إلى تقليص نسبة النساء المنتخبات في هذه المجالس.
ظاهرة الابتزاز الجنسي حيث يتم استخدام الخدمات الجنسية كعملة للممارسات الفاسدة. إن هذا النوع من الفساد بالغ الخطورة، ولا يوجد لدينا معلومات يعتمد عليها بهذا الخصوص في الدول العربية وذلك بسبب انخفاض احتمال الإبلاغ عنه بسبب ثقافة التشهير وإلقاء اللوم على الضحية.
بالرغم أن النساء يملن إلى إدانة السلوك الفاسد أكثر من الرجال، إلا أنهن أقل من الرجال في الإبلاغ عن الفساد، كما أكدت منظمة الشفافية الدولية في بيانات مقياس الفساد العالمي.
وتفسير ذلك أن النساء تخاف من العواقب خاصة في حالة الابتزاز الجنسي كما أنها تفتقر في كثير من الأحيان إلى المعرفة أو الوسائل اللازمة للإبلاغ عن الفساد أو تقديم شكوى بحالة فساد او احتيال.
وكما في العديد من الدول، لا سيما تلك الدول التي ينتشر فيها الفساد يمكن أن يتم دفع رشوة من قبل الرجل للجهات التي تنفذ القانون بغض النظر عن جرائم ضد الفساد مثل جرائم الاغتصاب الاتجار بالجنس أو إساءة معاملة الزوجات.
إن الرجال يقترفون أعمال الفساد أكثر من النساء وذلك بسبب أن معظم مراكز القوة والسلطة في كافة القطاعات الاقتصادية والسياسية والعامة وقطاع الأعمال يتحكم بها الرجال، وعليه فإن فرص إساءة استخدام السلطة لأغراض خاصة متوفرة لدى الرجال أكثر منها للنساء وأن الرجال يقبلون على مخاطر الفساد أكثر من النساء.
كما أن شبكة العلاقات في شبكات الفساد تستبعد النساء وذلك بسبب عدم حيازة النساء لمراكز سلطة لكي تكون شريكة معهم، وهذا من منظارهم.
وكما أن المرأة تعاني أكثر من الرجل من أضرار الفساد، ما يجعل دورها ضروريا لمحاربة الفساد. يمكن للمرأة أن تلعب الدور الريادي في تعزيز قيم النزاهة والصدق والمواطنة لدى أبنائها وأفراد عائلتها. وكما ذكرنا أعلاه، لا يمكن نجاح أي استراتيجية وطنية من دون مشاركة المرأة لأنها الأكثر فهما لمشاكل وقضايا المرأة من الرجل، لتتمكن من المساهمة في تخفيض هذا النوع من الفساد الذي يطال المرأة بشكل خاص.
إن توفير المعلومات الدقيقة والمعتمدة لمتخذي القرار وصانعي السياسات والمشرعين حول اهمية دور المرأة في منحها فرصة المنافسة وعلى قدم المساواة مع الرجل على المراكز القيادية في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح لمأسسة مكافحة الفساد.
إن تحقيق نجاحات مستدامة في الحرب على الفساد والفاسدين يصب مباشرة في تحقيق نوعية حياة أفضل للمرأة لا سيما في قطاعي الصحة والتعليم، وتوفير بيئة تشريعية داعمة لقضايا المرأة حين يدرك القائمين على الحكم بأنه لا يمكن محاربة الفساد بنصف عدد السكان، بل بانخراط كافة المواطنين من الرجال والنساء.
الخلاصة والتوصيات
إن تطبيق المبادئ العشرة لمكافحة الفساد ومعايير مكافحة الفساد تسهم في تحسين فرص المرأة وجودة حياتها. كما أن عدم المساواة بين الجنسين يوفر بيئة خصبة للفساد من خلال شبكات النفوذ، في حين تحقق البلدان مستويات فساد أقل عندما تحقق مستوى أعلى من المساواة بين الجنسين.
إذ يوجد ارتباط وثيق بين المساواة بين الجنسين والمكافحة الفعالة للفساد.
إن تصميم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بما في ذلك التطبيق والتقييم لها لا يمكن أن يكون فعالا إلا بمشاركة المرأة، وذلك لأنها الأكثر كفاءة في الاستجابة لقضاياها. ما ينطبق ايضاً على البيئة التشريعية ووضع القوانين. فإن وجود المرأة في مجلس النواب أو ما يعادله يلعب دورا جوهريا في إثراء نوعية القوانين وفعالياتها والعمل على إضافة رؤيتها لا سيما لحاجات المرأة وقضاياها.
وفيما يلي توصياتنا
أولا: قيام الدولة والجهات المختصة بها بجمع بيانات موثوقة ومصنفة حسب الجنس وتزويد صانعي السياسات بهذه المعلومات لاسيما المعلومات التي تبين اختلاف تأثير الفساد على الجنسين بغرض تصميم استراتيجيات وسياسات فعاله لمكافحة الفساد وخفض خطر الفساد على المجتمع في جميع فئاته لا سيما الفئة الأكبر والمهمشة أي المرأة.
ثانيا: العمل على نشر التوعية في المجتمع ولدى صانعي السياسات حول طبيعة الفساد وتأثيره المختلف على كل من الرجال والنساء.
ثالثا: تعزيز قدرات النساء في مكافحة الفساد طبقا للمبادئ العشرة لمكافحة الفساد. إن ذلك يعد أمرا جوهريا حتى تلعب النساء دورا متميزا في إثبات أنفسهن في كافة مراكز القرار لاسيما أن مكافحة الفساد تتطلب ثقافة ومعرفة خاصة حول الحوكمة والرقابة الداخلية والإبلاغ والعديد من المواضيع ذات الصلة الهامة الأخرى.
رابعا: تعزيز قدرات النساء لإعداد اجيال متواصلة من النساء القياديات وفق منظور استراتيجي وشامل ومستدام.
خامسا: تعزيز دور المرأة في بناء منظومة النزاهة الوطنية والمؤسسية بما في ذلك مؤسسة التشريع وعمل البرلمان.
سادساً: زيادة الشفافية بشكل ممنهج يسمح بالحصول على كافة المعلومات التي توفر بيئة للمواطن الفعال والمشارك في شؤون حوكمة بلده كونه من مصدر السلطات.
سابعاً: الاستناد أكثر فأكثر لمعيار الكفاءة والاستفادة من تطور المرأة في عدة مجالات مهنية وعلمية تسمح لها برفع مستوى الأداء في التشريع والناتج عنه من حماية ووقاية من الفساد للمرأة والعائلة والمجتمع ككل.
وأخيراً: إن المرأة في معظم المجتمعات هي نصف المجتمع، ما يستدعي أن تشارك مناصفة في وضع القوانين والتشريعات التي يقع تطبيقها على عاتق هذا النصف من المجتمع أيضاً. فمشاركتها في الحكم يفعل تطبيق القوانين ويفسح المجال بمأسسة الوقاية من الفساد.
وختاما، شكرا لحسن استماعكم ويسعدني الإجابة على أي من استفساراتكم.
Sources and References
- “UNDP-POGAR: Activities and Projects: Arab Anti-Corruption and Integrity Network (ACINET): Activity Details.” n.d. Accessed July 19, 2024. https://www.undp-aciac.org/resources/ac/details.aspx?aid=750.
- United nations office on drugs and crime. 2020. “The Time Is Now: Addressing the Gender Dimensions of Corruption.” 2020. Accessed July 19, 2024. https://www.unodc.org/documents/corruption/Publications/2020/THE_TIME_IS_NOW_2020_12_08.pdf.
- “Addressing the Gender Dimensions of Corruption.” 2021. United Nations : Information Service Vienna. December 15, 2021. Accessed July 21, 2024. https://unis.unvienna.org/unis/en/pressrels/2021/uniscp1138.html.
- “Transparency International Knowledge Hub | Knowledge Hub.” 2016. Knowledge Hub. March 3, 2016. Accessed July 21, 2024. https://knowledgehub.transparency.org/guide/guide-3/3372.
- United Nations Statistics Division. n.d. “— SDG Indicators.” Accessed July 21, 2024. https://unstats.un.org/sdgs/report/2024/Goal-05/.
- United Nations Statistics Division. 2024. “— SDG Indicators.” June 2024. Accessed July 21, 2024. https://unstats.un.org/sdgs/report/2024/goal-05/.
- “The Sustainable Development Goals Report 2024.” United Nations, Department of Economic and Social Affairs. June 28, 2024. Accessed July 21, 2024. https://unstats.un.org/sdgs/report/2024/.
- “Facts and Figures: Women’s Leadership and Political Participation.” n.d. UN Women – Headquarters. Accessed July 22, 2024. https://www.unwomen.org/en/what-we-do/leadership-and-political-participation/facts-and-figures.
- “World Bank Open Data.” n.d. World Bank Open Data. Accessed July 24, 2024. https://data.worldbank.org/country/1A.
- “Facts and Figures: Ending Violence Against Women and Girls.” n.d. UN Women – Arab States. Accessed July 24, 2024. https://arabstates.unwomen.org/en/what-we-do/ending-violence-against-women/facts-and-figures-0.
- The American Anti-Corruption Institute (AACI) [Exam Unit] (2023) Standard on Fighting Corruption 240: Transparency. https://www.theaaci.net/Standard-on-Fighting-Corruption-240-Transparency (Accessed: July 24, 2024).
- The American Anti-Corruption Institute (AACI) [Exam Unit] (2020) Principles of Fighting Corruption. https://www.theaaci.net/Principles-of-Fighting-Corruption (Accessed: July 24 2024).
Copyright © 2024 The American Anti-Corruption Institute LLC. All Rights Reserved.
No part of this publication may be reproduced, stored in a retrieval system, or transmitted in any form or by any means, electronic, mechanical, photocopying, recording, scanning, or otherwise, except as permitted under Sections 107 or 108 of the 1976 United States Copyright Act, without the prior written permission of the Publisher. Requests to the Publisher for permission should be addressed to The American Anti-Corruption Institute (AACI). Direct all inquiries to Copyright@THEAACI.com, Info@THEAACI.com, or The American Anti-Corruption Institute (AACI). Telephone inquiries may be directed to (480) 409 4074.
The American Anti-Corruption Institute (AACI) has no responsibility for the persistence or accuracy of URLs for external or third-party Internet websites referred to in this publication and does not guarantee that any content on such websites is, or will remain, accurate or appropriate.
Share via:
Language Translator
The American Anti-Corruption Institute (AACI)
Together, Empowering Tone at the Top
Click here for an overview of The AACI. You may also download its PowerPoint presentation (PDF)
The AACI’s Official Blog
This site is the official blog of The American Anti-Corruption Institute (AACI). It is an integral part of The AACI’s Media and Public Relations Dept. We also publish here our and others news, opinions, research, and white papers.
Comprehensive Overview: Certified Anti-Corruption Manager (CACM)
Launching The AACI’s University Initiative in Africa
Anti-Corruption Case Contests at Qatar University
The AACI in Qatar, 2013
University of Ibadan: The First African University Leading the Fight Against Corruption
Recent Posts
- Understanding Cyber Scams: Protecting Citizens and Businesses
- Fraud and Corruption: A Risk No Business Can Afford to Ignore
- Top Management Integrity: The Hidden Business Risk
- The Significance of Anti-Corruption for Small and Medium Enterprises (SMEs)
- Mastering FCPA Compliance Amid Rising Global Enforcement
The AACI’s View
They are the official opinions of The American Anti-Corruption Institute (AACI). Our vision, mission, and code of ethics provide the guidelines for our views. When we issue an opinion or express our perspective on a relevant matter, we expressly state that this is The AACI’s view. We publish our beliefs, ideas, and attitudes on our websites (theaaci.com, theaaci.net, and theaaci.org), The AACI official blog, and The AACI social media accounts ( Facebook, Twitter, and Instagram)
Certified Anti-Corruption Manager (CACM)
CACM Review Course and Exam
University of Ottawa
Opinions
The AACI publishes opinions and contributions written by some of its employees, management, and directors. It also publishes contributions from other experts, academicians, and professionals.
Views and opinions expressed under “Opinions” of this blog or at The AACI’s website are those of the authors and do not necessarily reflect the official policy or position of any other agency, organization, employer or The American Anti-Corruption Institute (AACI).
Categories
Archives
Signup – Receive periodic updates on The AACI research, events, publications, and blog posts.
Anti-Corruption Resources (Arabic)
- المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد
- ترخيص المؤسسات للوقاية من الفساد
- قواعد الشفافية والحماية من الفساد وتأثيرها على توفير بيئة تشريعية داعمة لقضايا المرأة
- مدير مؤهل لمكافحة الفساد
- مصادر بالعربية:مأسسة الوقاية من الفساد
- نشر المعرفة المتخصصة والإستثمار في الوقاية من الفساد
- الدور الفعّال للقطاع الخاص في الوقاية من الفساد
- دور مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية في الوقاية من الفساد والاحتيال
- دور الجامعات العربية في الوقاية من الفساد
- المواطن العربي البسيط : مدير مؤهل لمكافحة الفساد
- الفساد في القطاع الصحي: الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
- سيادة القانون: الفجوة ما بين الإرادة السياسية والتطبيق
- الحوكمة في قطاع الخدمات الصحية
- مكافحة الفساد بين الواقع والمأمول