يُدرك الجميع بأن الفساد يضرب في كافة جٓنٓبات المجتمع وأن آثاره السلبية المنظورة وغير المنظورة باتت تشكل عبئا ثقيلا ويهدد إستدامة التنمية والنمو الاقتصادي. وبالرغم من أنّ الفساد ظاهرة عالمية، إلا أنّ طبيعته وآلياته لها صبغتها المحلية. فالثقافة ومنظومة القيم السائدة في المجتمع تلعب دوراً محورياً في إنتشار الفساد. ولا بدّ من التأكيد على أنّ الحكم الرشيد والشفافية والمحاسبة تشكل أركاناً رئيسيةً في أي إستراتيجية وطنية لمحاربة هذه الحالة السرطانية المجتمعية. وأنّ التطبيق الفعلي لهذه الاستراتيجية هو مِن مسؤولية كافة مكونات المجتمع أفراداً ومؤسسات في القطاعين العام والخاص. ولمّا كانت الجامعات لها أهدافها التي أُنشأت من أجلها، فإننا نعتقد بأنّ احد أهم هذه الأهداف هو إعداد الطلبة للمساهمة الفعّالة في الوقاية من الفساد والإستثمار في البحث العلمي النّٓوعي ذو الصِّلة المباشرة بالفساد
نظرة على واقع الجامعات ألعربية
إنّ ملاحظاتنا حول واقع الحال في الجامعات العربية لا تستند الى أية أبحاث قمنا بها بل تستند الى زياراتنا للعديد منها وفي دول عدّة والى علاقات التعاون الوثيقة بين المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد والعديد من هذه الجامعات. إنّٓ عدد الجامعات في العالم العربي يزيد عن ثلاثمائة جامعة وهي في معظمها إن لم يكن جميعها تتشابه فيما يلي، عدم
إدراج هدف إعداد طلبة فعٌالين في الوقاية من الفساد ضمن الأهداف الإستراتيجية للجامعة
إدراج مساقات ضمن الدرجة العلمية الاولى ( البكالوريوس) ذات صلة مباشرة للوقاية من الفساد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الرقابة الداخلية
وجود أنشطة غير منهجية مُصمّمة بعناية كافية وقابلة للقياس والمحاسبة بغرض انخراط الطلبة في لعب دور فعٌال في الوقاية من الفساد
وجود استثمار كاف في العلماء والباحثين من أجل تشجيع البحث العلمي النوعي ذو الصِّلة المباشرة بحالة الفساد ومن كافة جوانبها
وبالرغم من قسوة هذه الملاحظات، إلا أننا بدأنا نلحظ تغيراً، وإن لم يكن جوهرياً، خلال السنتين الماضيتين في بعض الجامعات العربية
القيمة المُضافة لمُخرٓجات الجامعة
إنّ معظم القيمة المُضافة لأي جامعة يتمثل في مجموع القيم المُضافة للطلبة الخريجين من تلك الجامعة. وهذا يٓفترض قيام الجامعة بِقياس هذه القيمة المُضافة، ولكي لا نُتّٓهم بالتجني على أحد، فإننا لا نعلم عن قيام أي من الجامعات العربية بذلك. بناءً على ما تقدم، فإننا نطرح سؤالاً مشروعاً في هذا المقام: ماذا قدمت الجامعات العربية لمجتمعاتها للمساعدة في تطبيق سياسات بلدانها الخاصة بمحاربة الفساد؟ بِرأينا، والذي نتمنى أن نكون مُخطئين به، أنّ الإجابة هي لا شيء وبأحسن الأحوال القليل القليل
فإذا كان الحال كذلك، ونحن نعتقد بأنّه كذلك، فمن يتحمّل المسؤولية عن ذلك؟ إننا نعتقد بأنّ المسؤول عن ذلك هو الجميع ونُشدد هنا على كلمة الجميع بما في ذلك الجهات الرقابية الحكومية على الجامعات. ولا بُد من التأكيد دائٍماً بِأنّ القيادة على كُل المستويات تلعب الدور الأساسي قولاً وفعلاً في إلهام المرؤوسين للوصول الى الأهداف المنشودة
إعداد الطلبة للمساهمة الفعّالة في الوقاية من الفساد
بالرغم من الأحوال التي ذكرناها آنفاً، إلا أننا نعتقد بأنّ الجامعات العربية يمكنها فِعلُ الكثير مٓعٓ أننا نُدرك جيداً إختلاف الظروف الموضوعية من بلد عربي لآخر. ونورد لكم فيما يلي بعض المُقترحات التي قد تُشكل مٓدخلاً لذلك، وهي على سبيل المثال لا الحصر
تصميم مساق دراسي ( متطلب جامعة) ذو ثلاث ساعات معتمدة ويُدرّٓس لكافة الطلبة من كل التخصصات. ونود التنويه هنا الى الأخذ بعين الإعتبار التغيرات التكنولوجية في التصميم والتعليم
تصميم مسابقات تُحفز كافة الطلبة التقدم لها وتقديم جوائز نقدية وعينية. أحد الجامعات العربية التي نتعامل معها أبدعت في هذا المجال
عقد ندوات متخصصة ومتسلسلة بغرض العمل على تعزيز وتأطير ثقافة الوقاية من الفساد
الإستثمار في البحث العلمي النّٓوعي ذوالصِّلة المباشرة بالفساد
إنّٓ البحث العلمي النوعي والموازنة المخصّٓصة له في أي جامعة يُعتبر أحد المؤشرات حول مستوى الجامعة، نوعية التعليم الذي تقدمه، نوعية المحاضرين والباحثين بها، والدور التنموي الذي تساهم به محلياً وعالمياً. إن الجامعات العربية تحتاج الى عمل الكثير في البحث العلمي النّوعي ذو الصِّلة المباشرة بالفساد. إذا كان العِلم قد أصبح صناعة، فإنّ صناعة العلماء والباحثين هي (رُبما) كل الصناعة. ففي حين أننا لا نُريد التعميم، فإنّٓ موازنات البحث العلمي في العديد من الدول العربية تدعو للخجل
إنّٓ من إكتشف الإحتيال الكبير لشركة فولكسفاجن هم باحثي جامعة وٍست فرجينيا في الولايات المتحدة الامريكية وليست الدوائر الرقابية الحكومية الامريكية، والذي سيكلف الشركة أكثر من سبعين مليار دولار أمريكي. في حين أخبرنا أحد الباحثين، وهوبمرتبة أستاذ دكتور منذ أكثر من عشر سنوات في أحد الجامعات العربية، بأنّٓ الجائزة النقدية لأحد أبحاثة التي فازت بأحد المسابقات في أحد الدول العربية كانت أقل من الف دولار أمريكي
ماذا بعد؟
إنّٓ الإستثمار الفعّال في التعليم والعِلم والعلماء أمرٌ في منتهى الحساسية والخطورة لكل ما تحمله هذه العملية من آثار على التنمية المستدامة والأمن الاجتماعي. إنّ الوقاية دائماً خير من العلاج لا سيما في الحرب على الفساد. وإنّ على الجامعات العربية دوراً رئيسيا وهاماً في إعداد قادة مستقبلٍ لديهم من المعارف والمهارات ما يلزمهم من أجل الوقاية من الفساد والعمل على المساهمة الفعّالة في تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد
فإذا كان من نافلة القول بأنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فما لا يدرك كله لا يُترك جُلّه
CACM, DDPلورانس فايلز
رئيس المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد
تِمبي – أريزونا
CPA, CACM, CFE, MBA مايك مسعود
المدير الفني للشرق الأوسط وإفريقيا
المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد
تِمبي – أريزونا
مزيد من المصادر باللغة العربية
ملاحظة: إنّ المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد جهة غير حكومية. للمزيد من المعلومات يمكن زيارة الموقع الإلكتروني
Copyright © 2017, The American Anti-Corruption Institute llc.
All Rights Reserved. No part of this publication may be reproduced, redistributed, transmitted or displayed in any form or by any means without written permission. For information regarding licensing and reprint permissions, please contact The American Anti-Corruption Institute (AACI), licensing and permissions for The AACI copyrighted materials. Direct all inquiries to copyright@THEAACI.com or to The American Anti-Corruption Institute (AACI), Attn: Manager, Rights and Permissions, 1204 East Baseline Road, Suite 106, Tempe, AZ 85283. Telephone inquiries may be directed to (603) 235-0956.
Share via:
Language Translator
The American Anti-Corruption Institute (AACI)
Together, Empowering Tone at the Top
Click here for an overview of The AACI. You may also download its PowerPoint presentation (PDF)
The AACI’s Official Blog
This site is the official blog of The American Anti-Corruption Institute (AACI). It is an integral part of The AACI’s Media and Public Relations Dept. We also publish here our and others news, opinions, research, and white papers.
Comprehensive Overview: Certified Anti-Corruption Manager (CACM)
Launching The AACI’s University Initiative in Africa
Anti-Corruption Case Contests at Qatar University
The AACI in Qatar, 2013
University of Ibadan: The First African University Leading the Fight Against Corruption
Recent Posts
- Understanding the Drivers of Fraud and Corruption
- Unveiling the Future of Anti-Corruption: Major Updates to the 2025 Edition of the CACM Review Textbook
- December 9: A Call to Action on International Anti-Corruption Day
- OECD Anti-Bribery Convention: Driving Global Integrity
- Understanding Cyber Scams: Protecting Citizens and Businesses
The AACI’s View
They are the official opinions of The American Anti-Corruption Institute (AACI). Our vision, mission, and code of ethics provide the guidelines for our views. When we issue an opinion or express our perspective on a relevant matter, we expressly state that this is The AACI’s view. We publish our beliefs, ideas, and attitudes on our websites (theaaci.com, theaaci.net, and theaaci.org), The AACI official blog, and The AACI social media accounts ( Facebook, Twitter, and Instagram)
Certified Anti-Corruption Manager (CACM)
CACM Review Course and Exam
University of Ottawa
Opinions
The AACI publishes opinions and contributions written by some of its employees, management, and directors. It also publishes contributions from other experts, academicians, and professionals.
Views and opinions expressed under “Opinions” of this blog or at The AACI’s website are those of the authors and do not necessarily reflect the official policy or position of any other agency, organization, employer or The American Anti-Corruption Institute (AACI).
Categories
Archives
Signup – Receive periodic updates on The AACI research, events, publications, and blog posts.
Anti-Corruption Resources (Arabic)
- المعهد الأمريكي لمكافحة الفساد
- ترخيص المؤسسات للوقاية من الفساد
- قواعد الشفافية والحماية من الفساد وتأثيرها على توفير بيئة تشريعية داعمة لقضايا المرأة
- مدير مؤهل لمكافحة الفساد
- مصادر بالعربية:مأسسة الوقاية من الفساد
- نشر المعرفة المتخصصة والإستثمار في الوقاية من الفساد
- الدور الفعّال للقطاع الخاص في الوقاية من الفساد
- دور مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية في الوقاية من الفساد والاحتيال
- دور الجامعات العربية في الوقاية من الفساد
- المواطن العربي البسيط : مدير مؤهل لمكافحة الفساد
- الفساد في القطاع الصحي: الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
- سيادة القانون: الفجوة ما بين الإرادة السياسية والتطبيق
- الحوكمة في قطاع الخدمات الصحية
- مكافحة الفساد بين الواقع والمأمول